إن رحمة الله واسعة، قال تعالى: ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما) 110 النساء.
قال الله – تعالى – يا ابن آدم! إنك ما دعوتني ورجوتني؛ غفرت لك ما كان فيك ولا أبالي.
يا ابن آدم! لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني؛ غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم! إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا؛ لأتيتك بقرابها مغفرة.
الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني - المصدر: تخريج مشكاة المصابيح - الصفحة أو الرقم: 2276 خلاصة حكم المحدث: حسن بل صحيح
مصارحة:
دعنى أبوح لك اخى الخطيب بأنه يؤلمنى جدا أن أجد بعضا من حضراتكم على منابر المساجد فى الخطب والمحاضرات و عند الدعاء أن نجدهم يدعون قائلين:
اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يُعَزّ فيه أهل طاعتك ويُذّل فيه أهل معصيتك.
ويرد عليهم المصلين والحاضرين: آآآآآآمين
اعطني قلبك:
أعطنى قلبك وسمعك أيها الخطيب الحبيب يامن تلهج بهذا الدعاء بالمذلة على العصاة:
وكن معى إيجابيا ومنصفا فى الاجابة على همساتى اليك والتى أقول لك فيها:
أيُعقل أخى الخطيب – وربما تكون أنت أيضا داعية - أن يكون هذا من سمتك؟
أيعقل أخى الخطيب ان تسأل ربك بهذا الأسلوب فى جمع من المسلمين فى وقت مبارك ليؤمِّنوا خلفك باذلال أصحاب المعصية؟
هل دعانا ربنا الى ذلك؟
هل دعانا نبينا الى ذلك؟
هل دعانا اسلامنا الى ذلك؟
هل نادى الدعاة المعتدلون المنصفون بذلك؟
هل هذا هو دور الخطيب نحو الناس يدعو للصالحين منهم ويدعوا على العصاة منهم؟
ألست معى أخى الخطيب أن القلوب بين اصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء.
ألست معى أخى الخطيب أن هؤلاء الذين تدعوا عليهم اليوم لعصيانهم ربما يأتى علينا وعليهم غد جميل تنقلب فيه الموازين فيصبحون هم الدعاة وهم الصالحون..
ويصبحون شموسا تنير للمسلمين طريق الهداية؟
أنسيت أخى الخطيب كيف عانى حبيبك وقدوتك محمد صلى الله عليه وسلم فى تبليغ دعوته وما لاقاه فى الطائف من قذف بالحجارة لدرجة أن أدميت قدماه الشريفه – بأبى وامى هو رسول الله –
ورغم ذلك لم يلبى دعوة ملك الجبال باهلاك هؤلاء الناس ولم يدعوا عليهم متأملا فى ربه عسى أن يخرج من بين أصلابهم من يقول لا اله الا الله؟
أمنية:
أتمنى منك أخى الخطيب ألا تدعو على العصاة من المسلمين... فنحن ندعوا لغير المسلمين أن يهديهم الله ويشرح صدورهم للاسلام والهداية.. ألا من باب أولى أن ندعوا للمسلمين الذين عصوا أو أخذتهم الغفلة؟
فرحمة الله واسعة وسعت كل شيء.. وأجمل منك وأصوب أن تدعو لك ولهم بهداية وصواب ورشد وتثبيت.
وأتمنى أن تمح أخى الخطيب هذا الدعاء من قاموس دعواتك (اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يُعز فيها أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك ويؤمر فيه بالمعروف وينهي فيه عن المنكر "
واستبدله بدعائك: اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يُعز فيه أهل طاعتك ويُهدى فيه أهل معصيتك اللهم تب على العصاة والمذنبين وأهدهم سبل الخير والسلام والهدى والصواب).
لطفا ياخطيبنا:
إذا دعونا على العصاة وسألنا ربنا أن يذلهم.... بالله عليك إذا هلك وذل هؤلاء العصاة فلمن يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر... هل يكون للصالحين وفئة المهديين فقط..
أم أن العصاة هم الذين يبذل في سبيلهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة بالحسنى والموعظة الحسنة والمجادلة بالتى هى أحسن.
ثم كيف يكون دور الخطباء والدعاة آنئذ بعدما يهلك الله أصحاب المعاصى أو يذلهم؟
كلمة أخيرة:
يا دعاة الخير والصلاح والهداية والدعوة كونوا رفقاء بالناس حببوا اليهم الخير والطاعة.
كونوا أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين رحماء بلسانكم بدعواتكم فالرفق ماوضع فى شيء إلا زانه ومانزع من شيء إلا شانه..
كونوا معتدلين وسطيين مبشرين لامُنفرين ولاتنسوا أن الدعوة الا الله ماهى الا حب ورحمة بالناس فلا تعينوا الشيطان على المذنبين والعصاة.
بل إسألوا الله أن يصرفه عنهم وينجيهم منه ومن معاصيه وهذا هو دور الخطيب والداعية وارحموا من فى الأرض يرحمكم من فى السماء.
خير خاتمة:
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات.
اللهم احي قلوبنا وروحنا بنور معرفتك ومحبتك وأحي أجسامنا وجوارحنا بنور عبادتك ولزوم طاعتك ودوام خدمتك وأن ترزقنا حسن القيام بحقك وتملأ أيديناَ من طيب رزقك وتشملنا بخَفِيِّ لطفك.
وتـُملِّكنا زمام أنفسنا حتى نقودها إلى ما فيه رضاك ونيل القرب منك.
وطهرنا من دنس المخالفات والشهوات وآتنا رحمة من عندك وعلمنا من لدنك علمًا وهب لنا حكمة وحكمًا وعافنا من سخطك وغضبك.
ومن جميع أنواع البلاء واحفظنا من شرار سوء خلقك وشرورهم ومن الشرور كلها ومن جميع البليات والمحن.
وأعذنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن واجعلنا من الربانيين الرحماء المعتدلين وهب لنا فضلًا عظيمًا وكفّر عنا سيئاتنا وأدخلنا مدخلا كريما يا أرحم الراحمين..
اللهم اغفر لكل مذنب وعاص وردّه اليك ردا جميلا واغسل قلبه بماء رحمتك ونوّر قلبه بشمس هدايتك.
وألهم لسانه ذكرك وأعطه من نورك الذى لا يخبو واشرح صدره بفيض الايمان بك وجميل التوكل عليك وأحيه بمعرفتك وأنزل عليه سحائب رحمتك وهدايتك وتوبتك إنك أنت الله القادر على كل شيء.
الكاتب: نبيل جلهوم
المصدر: منتدى فرسان الحق
